النمو الاقتصادي العالمي يتباطأ في ظل آفاق ضبابية

يواجه العالم موجة جديدة من الضبابية وعدم الاستقرار الاقتصادي ، فقد أشار صندوق النقد الدولي في اخر تقريره الى تباطأ أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم من جراء جائحة كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا.

فارتفاع التضخم عن المستوى المتوقع، وخاصة في الولايات المتحدة والاقتصادات الأوروبية الرئيسية، استمر في الدفع نحو تشديد الأوضاع المالية العالمية ، وفي الصين، وصل التباطؤ الاقتصادي إلى مستوى أسوأ مما كان متوقعا بسبب موجات تفشي فيروس كورونا وإجراءات الإغلاق العام، كما حدثت تداعيات سلبية أخرى من جراء الحرب في أوكرانيا. ونتيجة لذلك، انكمش الناتج العالمي في الربع الثاني من هذا العام.

فمن المتوقع أن يتراجع النمو الاقتصادي العالمي من 6% عام 2021 إلى 3.2% هذا العام و2.7% في العام القادم، بانخفاض قدره 0,4 و0,7 نقطة مئوية عن تنبؤاتنا بداية العالم وذلك تأثراً بتباطؤ النمو في أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو.

ففي الولايات المتحدة، سيؤدي انخفاض القوة الشرائية للأُسر وتشديد السياسة النقدية إلى تخفيض النمو إلى 2,3% هذا العام و1% في العام القادم حيث تراجع النشاط في سوق الإسكان والاستثمار التجاري والإنفاق الحكومي ، وبلغ معدل التضخم في الولايات المتحدة 9.1 في المئة في يونيو ، وهي أسرع وتيرة من حيث ارتفاع الأسعار منذ أكثر من أربعة عقود.

واستجاب البنك المركزي الأمريكي لرفع سعر الفائدة، بمقدار 0.75 في المئة أكثر من مرة هذا العام التي أدت إلى زيادة تكاليف الاقتراض، وتقليل الإنفاق على عناصر مثل المنازل والسيارات، من الناحية النظرية لتخفيف بعض الضغوط التي تؤدي إلى زيادة الأسعار، ولكن تراجع الطلب يعني أيضا تراجع النشاط الاقتصادي. وأظهرت التقارير الأخيرة تراجع ثقة المستهلكين، وتباطؤ سوق الإسكان، وهو أول انكماش في النشاط التجاري منذ عام 2020.

وفي الصين، أدى اتخاذ مزيد من إجراءات الإغلاق العام، وضعف سوق العقارات والمعنويات السلبية التي تسيطر على قطاع الإسكان من أهم العوامل التي تسهم إلى حدٍ كبيرٍ في تباطؤ الاقتصاد الصيني إلى نحو معدل أقل يبلغ 3.3% هذا العام – وهو أبطأ معدل منذ أكثر من أربعة عقود، باستثناء فترة الجائحة.، وكان تدهور هذا القطاع من أشد الضربات التي تلقاها الاقتصاد نظرا لأن العقارات والقطاع وثيقة الصلة بها تمثل حوالي ثلث الناتج المحلي الصيني.

وهناك إحجام عن الحصول على رهون عقارية لشراء المنازل أو المباني غير المكتملة لشك البعض في أن أعمالها لن تكتمل على الإطلاق. كما انخفض الطلب على المنازل الجديدة، مما أدى إلى تراجع واردات مواد البناء.

ورغم الجهود التي تقوم بها بكين لدعم سوق العقارات، يستمر تراجع أسعار المنازل في العشرات من المدن الصينية بنسب تتجاوز 20 في المئة هذا العام.

كما أن اليوان في طريقه إلى أسوأ أداء له في عقود مقابل الدولار الأمريكي. ومعروف أن العملة منخفضة القيمة تثير خوف المستثمرين، مما يثير انعدام اليقين في أسواق المال. كما تجعل العملة الضعيفة من الصعب على البنك المركزي أن يضخ أموالا في الأسواق.

وفي منطقة اليورو، من المتوقع أن ينخفض النمو الاقتصادي إلى 2.6% هذا العام وهو انخفاض كبير عن نمو العام الماضي بنسبة 5.3%. و1.2% في عام 2023، حيث أدت الحرب إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء ما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم وأثقل كاهل النمو الاقتصادي وثقة المستهلك.

وتتزايد المخاوف من أن أزمة الطاقة حيث يمكن أن تزداد سوءاً إذا خفضت روسيا إمدادات الغاز الطبيعي أو أغلقت الضخ تماماً بينما تتدافع الدول الأوروبية لإعادة ملء احتياطياتها استعداداً لفصل الشتاء بالإضافة الى تشديد السياسة النقدية.

وسيصل إلى متوسط 7.6% هذا العام، وهي زيادة كبيرة على التوقعات السابقة البالغة 6.1% الشهر الماضي، حيث ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 8.6% على العام السابق.

ومن هذا المنطلق سيكون أفضل وسيلة لتحسين الآفاق الاقتصادية هو التعاون بين جميع الأطراف في ظل التحول المناخي وازمة الطاقة والتضخم بالاضافة إلى التأهب لجائحة الأمن الغذائي .

                                                                                                                                                 د. كمال جودي

                                                                                                                                                   الامين العام

Twitter
Facebook

المزيد

Ezz-780-1
kuwit-steel3
mih-1