تأثير أزمة الطاقة على صناعة الحديد والصلب في أوربا

يلعب الغاز دوراً مهماً في الاقتصاد الأوروبي حيث يُستخدم لتدفئة المنازل وفي الصناعات الثقيلة وكوقود ثانوي في إنتاج الكهرباء وبالتالي فإن هذا الارتفاع القياسي في الأسعار يؤثر سلباً على الاقتصاد الأوروبي.

وفي ظل عدم وجود حل للحرب في أوكرانيا ظلت أسعار الطاقة مستمرة في الأرتفاع  وخاصة الغاز مع تراجع في المخزون الاحتياطي الأوروبي مروراً بزيادة الطلب مع بداية الشتاء.

وفي خضم الارتفاعات القياسية المتتالية تتجه الأنظار أكثر للحديث عن تبعات ذلك على الشركات والمؤسسات الصناعية والمنتجين  فزيادة أسعار مصادر الطاقة رفعت تكاليف الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي وخاصة خدمات النقل وبالتالي فإن زيادة التكاليف هذه يرحّلها الصناعيون والتجار على عاتق المستهلك الذي يعاني في مختلف أنحاء العالم.

وكان أكثر المناطق تأثيراً خلال الفترة الماضية هي أوروبا حيث أضر بشدة بالقطاع الصناعي بالقارة، لا سيما الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة إذ ارتفعت تكاليف الإنتاج بشدة في صناعات  مثل الحديد والصلب والألمنيوم والأسمدة وغيرها ، مما دفع بعض الشركات إلى خفض مستويات إنتاجها، أو إغلاق بعض مصانعها في أوروبا.

فقد أرتفعت أسعار الغاز في أوروبا بنسبة 170% خلال الفترة من فبراير إلى يوليو 2022 نتيجة لتداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية مما أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بالشركات العاملة في الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة في أوروبا، بل ووصلت للحد الذي جعل بعض الشركات تتكبد خسائر اقتصادية.

في صناعة الحديد والصلب تخطط بعض الشركات إلى إغلاق مصانعها ومن بينها شركة ميتينفيست وسالزجيتر وليبرتي أوسترافا وشركة “أرسيلور ميتال،  والتي أعلنت أنها تخطط لإغلاق بعض مصانعها في ألمانيا  نتيجة ارتفاع تكاليف الكهرباء كما عطلت شركة أكرينوكس الأسبانية بعض مصانعها بشكل جزئي وشركات اخرى.

الشركات الأوروبية العاملة في الصناعات كثيفة الطاقة أصبحت أمام خيارين، إما البقاء في أوروبا ومواجهة احتمالات الإغلاق، أو اللجوء لنقل بعض عمليات الإنتاج إلى مناطق أخرى ذات الوفرة في موارد الطاقة.

مما يقتضي من الحكومات الأوروبية تبني حزمة مالية عاجلة لدعم شركات كثيفة الاستهلاك للطاقة، فضلاً عن اتخاذ الإجراءات المستقبلية اللازمة لتعزيز كفاءة استخدام الطاقة بالمصانع.

وقد أدي هذا التقليص الهائل للمصانع إلى زيادة اعتماد أوروبا على الأسواق الخارجية مما يزيد بشكل كبير من انبعاثات الكربون العالمية.

حيث توجهت شركات الصلب الاوروبية  بشكل متزايد إلى واردات الصلب من آسيا مع ارتفاع تكاليف الطاقة والحواجز أمام الواردات من منطقة البحر الأسود ، وهي بديل للمنتجات التركية والتي زادت تكاليفها أيضًا بشكل حاد بسبب أسعار الطاقة.

وأصبحت آسيا سوقًا أرخص للصلب للدول الاوروبية  حيث لم يحدث أي زيادة كبيرة في تكلفة الطاقة لأن الدول الآسيوية لا تعتمد بشكل مباشر على إمدادات الغاز الروسي ، بل الهند والصين  استفاد  من شراء الفحم الروسي بأسعار منخفضة في الأشهر الأخيرة.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية ، قدرت مبيعات الصلب نصف المصنعة والطويلة من جنوب شرق آسيا إلى أوروبا بأكثر من 100,000 طن.

ووفقا لبيانات اتحاد الصلب العالمي انخفض إنتاج الصلب لمنطقة الاتحاد الأوروبي  بنسبة ما بين -17.5% و -9.2% خلال الفترة من يناير الى أكتوبر 2023 وكذلك صاحبه انخفاض في انتاج باقي الدول الاوروبية بنسبة تراوحت بين -15.8% و -23.7 خلال شهر أكتوبر و -9.8% و -19.0% خلال العشر الاشهر الاخيرة من عام 2022.

مع العلم بأن متوسط انتاج قطاع الحديد والصلب في الاتحاد الاوروبي يبلغ  153 مليون طن ويعمل به حوالي 310 ألف عامل بحجم مبيعات 125 مليار يورو .

 

د. كمال جودي

 الأمين العام

 

 

Twitter
Facebook

المزيد

Ezz-780-1
kuwit-steel3
mih-1