حرب روسيا على اوكرانيا وتأثيرها على صناعة الصلب العربية

ما كاد العالم يتنفس الصعداء، ويفتح الأجواء، ويفك الحظر، ويرفع الإجراءات الوقائية، أو حتى يخفف منها، حتى استيقظ الجميع على ضربات مدافع الحرب الروسية الأوكرانية، التي -لا شك -ضاعفت، وفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي، من الضغوط التضخمية الناشئة عن اضطراب سلاسل الإمداد والتوريد، نظراً للعقوبات التي فرضتها معظم الدول على روسيا.

وفي غضون أيام قليلة، وجد العالم نفسه أمام واقع جديد هو ” حرب روسيا وأوكرانيا ” التي تسببت في تفاقم المشكلات بسلاسل التوريدات العالمية خاصةً في المجالات الغذائية (القمح) والبترولية (النفط والغاز) والاستراتيجية (الحديد والصلب).

وقد تأثرت صناعة الحديد والصلب بتلك الأحداث حيث تنتج روسيا حوالي 76 مليون طن من الصلب الخام واوكرانيا تنتج حوالي 21.4 مليون طن باجمالي دولتين 97.4 مليون طن وهذا الرقم يعد في المركز الثالث بعد الصين 1,032.8 مليون والهند 118.1 مليون طن مما ادخل صناعة الحديد والصلب العالمية في نفق ضبابي وعدم اليقين بالسيطرة على عواقب هذه الحرب في ظل حصار روسيا اقتصاديا بفرض عقوبات اقتصادية واسعة مع التوقف التام لمصانع الصلب الاوكرانية.

فنجد ان اسعار المواد الاولية في صناعة الحديد قد قفزت بعد حوالي أكثر من شهر من بداية الحرب ” 24 فبراير” على سبيل المثال خام الحديد من 137 الى 160 دولار والكوك من 440 دولار وصل الى 650 دولار وخردة الحديد من 507 دولار وصلت الى 650 دولار وتُعد هذه أرقام قياسية خاصة لأسعار المواد الاولية (الكوك والخردة) مما ادى الى ارتفاع كبير فى اسعار مربعات الصلب ” البيليت ” من 705 دولار وصلت إلى ما يقارب 900 دولار وأسعار حديد التسليح من 750 دولار وصلت إلى ما يقارب 960 دولار.

كما صعدت أسعار النفط منذ بداية حرب روسيا (ثاني أكبر مصدر للخام في العالم) على أوكرانيا، وسجل خام برنت 139 دولارا للبرميل في الايام القليلة الماضية حيث كان قبل الحرب 96 دولار للبرميل كما أدت الحرب إلى الارتباك والتخوف من نقص الغاز والنفط بالأسواق العالمية خاصة بعد القرار الاخير التي اتخذته روسيا بالتوريد بالعملة المحلية (الروبل).

أما تأثر هذه الحرب على الدول العربية فقد تختلف من دولة إلى أخرى، حسب المعطيات التي أسفرت عنها الحرب على الصعيد العالمي والمؤشرات الاقتصادية المختلفة فنجد أن الدول العربية المصدرة للنفط التى تبلغ حصة صادرتها على مستوى العالم 24% قد استفادة ولو بصفة مؤقتة مع ارتفاع أسعار النفط الى ما يقارب 139 دولار للبرميل، وبعوائد مالية جيدة وتُعد فرصة مؤاتيه لدعم واستكمال مشروعات التنمية في تلك الدول مع ارتفاع الطلب على منتجات الحديد الذي يتناسب طرديا مع تنفيذ المشروعات التنموية والبنية الاساسية.

وعلى مستوى الدول العربية غير النفطية سيكون الوضع صعبا في المرحلة المقبلة، لاعتمادها على استيراد جزء كبير من احتياجاتها، سواء كانت مواد اولية أو مواد بترولية وهذا يحمّلها أعباء التضخم في المرحلة المقبلة، وخاصة الدول التى تعتمد على روسيا واوكرانيا في استيراد المواد الغذائية والبترولية والاستراتيجية (الحديد والصلب) مما يجعلنا نتخوف من اضطرابات اقتصادية واجتماعية نتيجة ارتفاع الاسعار.

ومع استمرار أو توقف الحرب ستظل العلاقات بين روسيا من جهة والولايات المتحدة والاتحاد الاوربي من جهة اخرى متوترة ولن تعود الى ما قبل 24 فبراير، ولا يتوقع أن تُرفع العقوبات فوريا عن روسيا وبيلاروسيا، ولا ان تستأنف عمليات الامداد من غاز ونفط وحديد وخلافه على الفور، فاذا كانت الصناعات بصفة عامة تحتاج إلى وقت للتعافي فأن صناعة الحديد والصلب تحتاج الى وقت اطول للتعافي من آثار تلك الحرب.

د. كمال جودي

الامين العام

Twitter
Facebook

المزيد

Ezz-780-1
kuwit-steel3
mih-1