السوق والأحداث

دائماً ما تتهم أسواق الأسهم العربية بعدم الكفاءة، فهل هي فعلاً غير كفؤة؟، هذا سؤال مطروح تتعدد إجابته، ولكن من خلال متابعتي للأسواق العربية الناشئة أرى أن مثل هذا الطرح غير دقيق مائة في المائة، وذلك لعدة أسباب، أولها أن هذه الأسواق أو بعضها على الأقل حديثة النشأة، ثانياً أن المستثمر العربي لم يتعرف على طبيعة أسواق الأسهم بشكل جيد ولم يعرف أن هذه الأسواق شديدة المخاطر، والمستثمر العربي حديث التعرف على طبيعة عمل الأسواق، لذلك نجد توقيته عشوائياً في عمليتي الشراء والبيع والبعض منهم يعتمد على الحظ والتوفيق أكثر من اعتماده على الحرفية في عمليتي البيع والشراء، ثالثاً أن معظم المتعاملين في الأسواق العربية أفراد ليس لديهم الوقت الكافي لمتابعة السوق وأخبارها بحكم انشغالهم في أعمالهم، رابعاً، عدم ثقة المستثمر العربي في المؤسسات المالية التي تستثمر نيابة عنه.

وفي الأخير هناك عدم معرفة تامة من قبل المستثمر بمحركات السوق الأساسية التي على ضوئها تتحرك الأسواق، فأسواق الأسهم شديدة الحساسية فهي تسبق الأحداث، فإذا توقعت نمواً اقتصادياً في الاقتصاد المحلي ارتفعت قبله، وإذا توقعت عكس ذلك هبطت قبله.

ولنأخذ السوق السعودية مثلاً، فهناك عاملان مهمان يحركان السوق، الأول، العامل الداخلي ويسمى أحيانا العامل الدوري، وهو ما يصدر عن الشركات من ميزانيات تعلن كل ربع سنة وعلى ضوئها يمكن اتخاذ قرار البيع والشراء.

ثانياً، الإدارة ومدى كفاءتها في إدارة الشركة، وهذا يعرف من خلال سمعة الإدارة، ثالثاً، نشاط الشركة وقابليته للتوسع من عدمه، رابعاً، الخطط المستقبلية للشركة أو ما يعرف بالنمو، ويفترض في الشركات أن تعلنه متى قررت تطبيق خطة توسع معينة.

وهناك أيضاً العامل الخارجي الذي لا دخل للسوق فيه ولكنه يؤثر بشكل مباشر على السوق، مثل رفع الفائدة البنكية، فهناك تلازم عكسي بين رفع الفائدة وهبوط السوق، وبين خفض أسعار الفائدة وارتفاع السوق، وأسعار النفط، فهناك تلازم طردي بين أسعار النفط والسوق، فكلما ارتفعت أسعار النفط ارتفعت أسعار السوق وكلما تراجعت أسعار النفط تراجعت أسعار الأسهم.

ثم هناك العامل الأخير مثل الحروب والأزمات والكوارث الطبيعية، فإذا كان هناك استقرار في الدولة والإقليم سارت السوق وفق العامل الداخلي، أما إذا لم يكن هناك استقرار هبطت أسعار الأسهم، فمثلا عندما بدأت عملية «طوفان الأقصى» تراجع مؤشر سوق الأسهم السعودية ثم بدأ يتأرجح وفقاً لسير المعركة، ومثل ذلك يقال في الكوارث الطبيعية، حمانا الله وإياكم منها. ودمتم.

المصدر جريدة الشرق الاوسط

Twitter
Facebook

المزيد

Ezz-780-1
kuwit-steel3
mih-1