اقتصادنا والأزمات العالمية 

أصبح الاقتصاد العالمى متشابكا أكثر من أى وقت مضى، وأى أزمة تحدث فى دولة أو إقليم تتداعى له سائر البلدان بالمعاناة من آثارها، ورأينا ما لحق بسائر بلدان العالم من تفشى جائحة كورونا، وكيف أن بلدان العالم المتقدمة دفعت ثمن استئثارها بالنصيب الأكبر من الأدوية واللقاحات، وأهملت البلدان الأكثر فقرا، فارتدت عليها النتائج بمتحورات جديدة، أدخلتها فى أزمات متتالية، وكيف أن دولا حققت معدلات إصابات ووفيات منخفضة، وارتفع إنتاجها الصناعى مثل الصين، لكنها تأثرت من انخفاض معدل النمو فى باقى أنحاء العالم، وتراجع الطلب على صادراتها، وشاركت فى دفع الثمن الاقتصادى للجائحة، كما رأينا أن جميع بلدان العالم المعتمدة على قطاع السياحة عانت كثيرا من حالات الإغلاق فى البلدان الأخرى، والقيود على السفر، وهناك أمثلة كثيرة، فالأزمة المالية التى تفجرت فى الولايات المتحدة عامى 2007 و2008 كان لها تأثيرها على باقى بلدان العالم، رغم أنها كانت تتعلق بمنح قروض لشراء عقارات دون ضمانات كافية، ويمكن اعتبارها أزمة محلية، لكن انهيار عدد من البنوك الكبيرة دفع الأزمة لتؤثر على دول أوروبا والعالم الثالث.

وجاءت الأزمة الأخيرة بسبب الحرب الدائرة فى أوكرانيا لتمثل واحدة من أكبر التحديات والمخاطر على الاقتصاد العالمي، لأنها تحولت بسرعة من طابعها العسكرى إلى حرب اقتصادية واسعة وخطيرة، تم خلالها استخدام جميع الأدوات الاقتصادية، حتى وصلت إلى منع تحليق طائرات روسيا فوق الأجواء الأوروبية والعكس، وسبقها تجميد أصول بنوك وشركات وأفراد، ومنع صادرات وواردات، وإخراج بنوك من منظومة التعامل الدولي، وكذلك حرب أسعار ومضاربات واختلاق أزمات، لكن أخطر ما يجرى أنها أدخلت قطاعات حيوية بالنسبة للعالم كله مثل الغاز والبترول والقمح وباقى الحبوب، ومازال كل طرف يجهز قوائم عقوبات ضد الطرف الآخر، مع أن كل من يفرض عقوبة يكتوى بنارها، ويتأثر بنتائج تنفيذها، وكان مجرد مناقشة دول أوروبا خفض اعتمادها على الغاز والبترول الروسى نتائج سريعة وخطيرة على سوق الطاقة، وارتفعت الأسعار بصورة كبيرة، والمخاوف فى تزايد من أن يصل الأمر إلى القطيعة الكاملة، وارتفاع أسعار الغاز والبترول إلى أسعار فلكية لم يتخيلها أحد، ولأننا جزء من هذا العالم، ونستورد الكثير من القمح ومشتقات البترول، فإننا سندفع نصيبنا من المعاناة الدولية، مع أننا لسنا طرفا فى أى معارك تدور فى أوكرانيا، والتى لا ندرى هل سيمكن إيقاف اتساعها أم ستواصل الاشتعال والتدمير بالطائرات والصواريخ والمدافع أو بالعقوبات والحظر والقيود، والمؤشرات حتى الآن لا تنبئ بقرب التوصل إلى حل.


الاهرام

Twitter
Facebook

المزيد

Ezz-780-1
kuwit-steel3
mih-1